المادة    
ثم قال: (وأيضاً: فإنه قد يعفى لصاحب الإحسان العظيم ما لا يعفى لغيره). وهذا أمر آخر، فالقضية إذاً ليست قضية ذنوب أو معاصٍ ارتكبت، أو حرمات انتهكت، فإن هذه تقع، لكن وقوعها من شخص غير وقوعها من آخر. وهذا أمرٌ آخر، ومقامٌ آخر من المقامات التي نعرف بها اختلاف الناس في ذلك؛ فبعض الناس -كما أشرنا- قد يكون ذنبه سبباً لهدايته، ويكون حال التائب من هذا الذنب أفضل من حال ذلك المطيع المستقيم الذي قد يدل ويعجب بطاعته -هذه حالة-. الحالة الأخرى: أن وقوع الذنب من هذا غير وقوعه من ذاك، وهذا كثيراً ما يغفل عنه بعض الناس، فإذا رأى أن أحداً من أئمة هذا الدين قد أذنب -قد يكون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من دونهم- فإنه يقول: أليس من الصحابة من فعل كذا وكذا؟ فأنا أفعل مثله، ونسي هذا المسكين أن البحر العظيم المتلاطم من الحسنات مهما ألقي فيه من النجاسات فإنها لا تضره، وأما ذلك المسكين الذي ليس لديه إلا إناء صغير، فإن أقل نجاسة تنجسه كله، وهو مع ذلك يقارن حاله بحال غيره في المعصية فقط. وبعضهم يتتبع رخص العلماء فيقول: قال بعض الصحابة: إن الربا نوع واحد، وبعضهم يقول: إن بعض العلماء أباح الغناء، واستماع الصوت مثلاً، ويقول الآخر: إن بعض العلماء أجاز النبيذ أو شيئاً من ذلك.. فهذه رخص العلماء، التي هي مخالفة للدليل الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال العلماء: من تتبع رخص العلماء تزندق؛ لأنه يجمع الرخص من هنا ومن هنا فيخرج وقد أصبح زنديقاً والعياذ بالله! فلو اتبع كل واحد من الناس ما ترخص فيه بعض الأكابر والفضلاء لما بقي له من الدين شيء، فكيف يقرن الضعيف المسكين -الذي لا فضل له ولا جهاد ولا سابقة- عمله بعمل أولئك؟ بل حتى الأكابر والفضلاء أنفسهم يكون التفاوت بينهم والعقوبة والمؤاخذة بحسب درجاتهم وفضلهم.
  1. عفو الله تعالى عن موسى عليه السلام لعظيم عبادته وإحسانه

  2. محاجة آدم لموسى عليهما السلام

  3. مواقف موسى عليه السلام وصدعه وصبره.. كل ذلك كان سبباً في عفو الله تعالى عنه

  4. موسى عليه السلام يعاتب ربه

  5. الكلام على محاجة آدم وموسى عليهما السلام